خطة عمل تركيا لحقوق الإنسان- تحسينات قضائية ومعاملة أفضل للأجانب

المؤلف: دينيز باران08.16.2025
خطة عمل تركيا لحقوق الإنسان- تحسينات قضائية ومعاملة أفضل للأجانب

في الثاني من مارس/آذار عام 2021، قام الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بالإعلان عن "خطة العمل الجديدة لحقوق الإنسان" التي طال انتظارها بشدة. وتعتبر هذه الخطة بمثابة مبادرة شاملة ومتكاملة تهدف إلى إدخال تعديلات جوهرية وهيكلية في مختلف جوانب النظام القانوني التركي برمته، مما يمهد الطريق نحو إصلاحات واسعة النطاق.

وعلى الرغم من أن هذه الخطة لا تزال تشكل إطارًا قانونيًا قيد التكوين والتطوير، حيث ستتضح تفاصيل تطبيقها بشكل أكبر مع مرور الوقت من خلال اللوائح والترتيبات اللاحقة، إلا أنها تتضمن مجموعة من الالتزامات الهامة التي من شأنها أن تسهم في تحسين وتسهيل حياة المواطنين الأتراك والأجانب المقيمين في تركيا أو الذين يمتلكون مصالح تجارية واستثمارية فيها على حد سواء.

وبالنظر إلى أن العديد من الأجانب يواجهون تحديات وصعوبات مختلفة ناتجة عن بعض الثغرات والنواقص الموجودة في النظام القانوني التركي الحالي، فإن هذه التعهدات والالتزامات الواردة في الخطة تبشّر بعهد جديد أكثر إشراقًا لهم. وفي هذا السياق، يهدف هذا التقرير إلى تسليط الضوء على أبرز النقاط والمحاور التي تضمنتها خطة العمل والتي تهم بشكل خاص الأجانب المقيمين في تركيا أو الذين يخططون للاستثمار فيها:

من المتوقع أن يتم توسيع نطاق تطبيق "المحاكمة الإلكترونية" ليشمل جميع المحاكم التركية. وتعني المحاكمة الإلكترونية إمكانية مشاركة أطراف النزاع في جلسات الاستماع الخاصة بقضاياهم عن طريق الإنترنت، دون الحاجة إلى الحضور الفعلي إلى قاعة المحكمة.

نظام قضائي أكثر كفاءة وفاعلية

  • تتعهد هذه الخطة بالالتزام بـ "أقصى توقيت مستهدف لإنجاز العمليات القضائية". ويهدف هذا الالتزام إلى الحد من الوقت الطويل الذي تستغرقه الإجراءات القضائية المختلفة. ومن شأن ذلك أن يشجع الأجانب على السعي إلى حماية حقوقهم من خلال القضاء التركي. ففي الوقت الحالي، تعتبر الإجراءات القضائية في تركيا مطولة للغاية، مما يثني العديد من الأجانب عن رفع الدعاوى أمام المحاكم التركية، خوفًا من أن تكون هذه العملية مزعجة وغير مجدية. وحتى عندما يقررون اللجوء إلى المحكمة، فإن العملية غالبًا ما تستغرق وقتًا وجهدًا كبيرين قبل التوصل إلى نتيجة إيجابية تضمن لهم حقوقهم بشكل فعال.
  • من المتوقع أن يصبح تطبيق "المحاكمة الإلكترونية" أكثر انتشارًا وتوسعًا في جميع أنحاء البلاد. والمحاكمة الإلكترونية تعني ببساطة أن أطراف النزاع لديهم القدرة على المشاركة في جلسات الاستماع لقضاياهم عبر الإنترنت، دون الحاجة إلى التواجد الشخصي في قاعة المحكمة. وعلى الرغم من وجود برنامج تجريبي لتطبيق المحاكمة الإلكترونية منذ منتصف عام 2020، إلا أن الهدف الحالي هو تعميم استخدام هذه المنصة من قبل معظم المحاكم في تركيا، مما سيجعل جلسات الاستماع أكثر سهولة ومرونة، ويسرع من وتيرة سير الإجراءات القضائية.
  • تعتزم الحكومة التركية التركيز بشكل أكبر على زيادة الموارد البشرية العاملة في النظام القضائي، بالإضافة إلى استحداث بعض برامج التوجيه والتدريب للعاملين الجدد. وإذا تم تطبيق هذه البرامج بشكل فعال، فسوف يؤثر ذلك بشكل إيجابي على جودة ودقة القرارات التي تصدرها المحاكم، بالإضافة إلى تسريع وتيرة العمل. يواجه النظام القضائي التركي حاليًا نقصًا في الموارد البشرية من حيث العدد والتأهيل، وذلك بسبب فصل عدد كبير من القضاة والمدعين العامين من وظائفهم عقب محاولة الانقلاب التي وقعت في يوليو/تموز 2016، بعد أن تبين انتماؤهم إلى الحركة الانقلابية. ورغم أن هذا التطهير كان ضروريًا، إلا أنه أحدث فجوة كبيرة في النظام القضائي. ولمعالجة هذا الوضع، تم تعيين عدد قياسي من القضاة والمدعين العامين الجدد في السنوات التي تلت محاولة الانقلاب. ونظرًا لأن الغالبية العظمى من هؤلاء الموظفين الجدد من الشباب الذين يفتقرون إلى الخبرة الكافية، فقد كان من الصعب دمج هذا العدد الكبير من المنتدبين الجدد في النظام القضائي بشكل سلس وفعال.
  • سيشهد النظام القضائي التركي زيادة ملحوظة في عدد المحاكم المتخصصة. ففي الوقت الحالي، يعتبر عدد المحاكم المتخصصة في تركيا محدودًا للغاية، وتتولى المحاكم العامة الفصل في مجموعة واسعة ومتنوعة من القضايا التي تتطلب معرفة وخبرة متخصصة، مما يؤثر سلبًا على دقة القرارات القضائية. وفي الواقع، ليس من المنطقي أو المنصف أن نطلب من القضاة الفصل في جميع أنواع القضايا في مختلف المجالات بنفس الكفاءة. لذلك، من المرجح أن تتجه تركيا قريبًا نحو إنشاء بعض المحاكم المتخصصة الجديدة، مثل محاكم قانون تكنولوجيا المعلومات.
  • أصبحت الطرق البديلة لتسوية المنازعات، مثل التحكيم والوساطة، شائعة جدًا في جميع أنحاء العالم وفي تركيا أيضًا. وقد أدخلت تركيا بالفعل العديد من التعديلات القانونية لمواكبة هذا التوجه المتزايد في السنوات الأخيرة. ومع خطة العمل الجديدة، تلتزم تركيا باتخاذ المزيد من الخطوات لتعزيز هذه الطرق البديلة لتسوية النزاعات، وتوسيع نطاق الوساطة ليشمل الخلافات التي تستلزم اللجوء إلى المحاكم، مثل قضايا الطلاق. وهذا يعني أن تركيا تفتح الباب على مصراعيه لحل النزاعات القانونية دون الحاجة إلى اللجوء إلى المحاكم.
  • سيتم نقل نظام تطبيق وتنفيذ القانون بالكامل إلى الإنترنت، وهو ما سيساهم بالتأكيد في تعزيز كفاءة هذه العملية بشكل كبير. ففي الوقت الراهن، يعتبر تطبيق قرارات المحاكم وتنفيذها من المجالات التي تشوبها العديد من المشاكل في النظام القضائي التركي.
  • سيتم تبسيط عدد الرسوم الرسمية المطلوبة لإنجاز العمليات القضائية، بهدف إزالة الغموض والالتباس الذي يكتنف احتساب هذه الرسوم بالنسبة للأجانب (وحتى المواطنين الأتراك). ففي الوقت الحالي، هناك العديد من أنواع الرسوم التي يتعين دفعها للمحاكم ومكاتب تطبيق وتنفيذ القانون وكتاب العدل، مما يجعل من الصعب على الأجانب تتبع هذه الرسوم وفهمها بشكل كامل.

    المزيد من التعديلات التي تصب في مصلحة المستثمرين الأجانب

  • سيتم تعزيز الامتثال لمعايير الاتحاد الأوروبي المتعلقة بالاستثمارات الأجنبية وقرارات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. ونظرًا لأن معايير الاتحاد الأوروبي وقرارات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان تعتبر متقدمة نسبيًا من حيث حماية حقوق المستثمرين الأجانب ومتطلبات السوق الحرة، فإن زيادة الامتثال لها سيساهم في خلق بيئة أكثر أمانًا وجاذبية للمستثمرين الأجانب.
  • بهدف حل المشاكل القانونية التي تواجه المستثمرين الأجانب بشكل أسرع وأكثر فاعلية، سيتم إنشاء هيئة إدارية جديدة تتولى حصريًا التعامل مع مشاكل ونزاعات المستثمرين الأجانب مع السلطات العامة التركية، مما سيوفر لهم قناة حصرية لتسوية هذه المشاكل.
  • ستصبح عملية تصفية الشركات أكثر سهولة وبساطة. ففي حين أن إجراءات تأسيس الشركات في تركيا تعتبر سهلة وميسرة، إلا أن إجراءات التصفية غالبًا ما تكون معقدة وتتطلب الكثير من الجهد والوقت. وقد يصبح الأمر في بعض الأحيان صعبًا للغاية على المستثمرين الأجانب الذين يرغبون في إنهاء أعمالهم في تركيا وإغلاق شركاتهم.
  • من المتوقع أن يخضع نظام العدول لعملية رقمنة شاملة، مما سيخفف من عبء الذهاب إلى المكاتب الإدارية لإنجاز المعاملات. وعندما يكون الذهاب إلى هذه المكاتب ضروريًا، ستكون ساعات العمل أكثر مرونة، بما في ذلك العمل في نهاية الأسبوع وفي أوقات متأخرة من الليل في الحالات العاجلة. ففي تركيا، يجب على المستثمرين الأجانب الاستعانة بكتاب العدل في العديد من الإجراءات، مثل ترجمة الوثائق الرسمية والتحقق من بعض العقود وإصدار توكيل رسمي لأشخاص آخرين، مما يعني أنهم يقدمون خدمات أساسية للمستثمرين الأجانب. ولكن ساعات العمل المحدودة والازدحام المعتاد في مكاتبهم غالبًا ما يخلق عقبات كبيرة أمام إنجاز أعمال المستثمرين الأجانب دون تأخير غير متوقع.
  • سيُسمح لكتاب العدل بإجراء عمليات بيع العقارات، وهي الصلاحية التي تقتصر حاليًا على مكاتب تسجيل سند الملكية العامة فقط. ونظرًا لوجود مكتب تسجيل سند ملكية عام واحد فقط في كل حي، فإن هذه المكاتب عادة ما تكون مزدحمة للغاية. وفي ظلّ التفويض المقترح بنقل هذه الصلاحية من مكاتب تسجيل سند الملكية العامة إلى كتاب العدل العامين، سيكون من الأسهل والأسرع إكمال عمليات بيع العقارات، نظرًا لوجود العديد من كتاب العدل العامين في كل حي.

    تحسين معاملة المهاجرين

  • سيتم تحسين أوضاع مراكز الإعادة القسرية، حيث أن الظروف المادية لتلك المراكز لا تعد كافية على الإطلاق في الوقت الحالي.
  • سيتم اعتماد أنواع جديدة من الإجراءات التي يمكن أن تكون بديلة للاعتقال الإداري للمهاجرين. ووفقًا لقوانين الهجرة التركية الحالية، هناك بالفعل 7 إجراءات بديلة للاعتقال الإداري معتمدة. لذلك، ليس من الواضح تمامًا ما هي الإجراءات البديلة الجديدة التي سيتم تقديمها بموجب خطة العمل الجديدة. ولكن أياً كانت هذه الإجراءات، فإنها ستوفر المزيد من الحرية للأجانب الذين تخضع طلباتهم للهجرة إلى إعادة فحص من قبل السلطات التركية قبل اتخاذ القرار النهائي بشأنها.
  • عندما يقدم الأجانب أي التماس أو اعتراض إلى السلطات العامة التركية، فإن الحد الأقصى لتقديم رد هو 60 يومًا. ولكن بموجب خطة العمل الجديدة، تلتزم السلطات بتخفيض هذه المدة إلى 30 يومًا فقط، مما سيؤدي إلى تسريع إجراءات التطبيق الإداري والدعاوى القضائية للأجانب.
  • سيُطلب من السلطات العامة التركية التي تتعامل مع الأجانب نشر المزيد من المواد الإعلامية بلغات أجنبية مختلفة. ففي الوقت الحالي، يعتبر عدد هذه المواد منخفضًا جدًا ويقتصر على بعض المكاتب العامة فقط، مثل مكتب الجنسية. ونتيجة لذلك، يفتقر الأجانب إلى المعرفة الكافية بالمسائل القانونية الأساسية، مما يمهد الطريق أمام انتشار المعلومات الخاطئة بينهم.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة